حسان بن ثابت الأنصاري :
هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري من أهل المدينة ، ومن بني النجار أخوال عبدالمطلب بن هاشم جد النبي محمد من قبيلة الخزرج ، ويروى أن أباه ثابت بن المنذر الخزرجي كان من سادة قومه، ومن أشرفهم، وأما أمه فهي الفزيعة بنت خنيس بن لوزان بن عبدون وهي أيضا خزرجية. ولد 60 قبل الهجرة على الأرجح صحابي وكان ينشد الشعر قبل الإسلام ، وكان ممن يفدون على ملوك الغساسنة في الشام ، وبعد إسلامه اعتبر شاعر النبي محمد بن عبد الله .
وأهدى لهُ النبي محمد جارية قبطية قد اهداها لهٌ المقوقس ملك القبط وأسمها سيرين بنت شمعون فتزوجها حسان وأنجبت منهُ ولدهُ عبد الرحمن، وحسن إسلامها وهي أخت زوجة الرسول مارية القبطية .
ولقد سجلت كتب الأدب و التاريخ الكثير من الأشعار التي ألقاها في هجاء الكفار ومعارضتهم، وكذلك في مدح المسلمين ورثاء شهدائهم وأمواتهم. وأصيب بالعمى قبل وفاته، ولم يشهد مع النبي مشهدًا لعلة أصابته ويعد في طبقة المخضرمين من الشعراء لأنه أدرك الجاهلية والإسلام. وتوفي في المدينة المنورة زمن خلافة علي بن أبي طالب .
وقد قال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه القصيدة الرائعة فيما حدثنا ابن هشام ، عن أبي زيد الأنصاري:
رثاء رسول الله صلَّى الله عليه و سلم
حسَّان بن ثابت
بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
ولا تمتحي الآيات من دار iiحرمة بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضح آثار وباقي معالم وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء iiويوقد
معارف لم تطمس على العهد آيها أتاها البلى فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده وقبرا بها واراه في الترب ملحد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت عيون ومثلاها من الجفن iiتسعد
يذكرن آلاء الرسول وما أرى لها محصيا نفسي فنفسي تبلد
مفجعة قد شفها فقد أحمد فظلت لآلاء الرسول iiتعدد
وما بلغت من كل أمر عشيره ولكن لنفسي بعد ما قد توجد
أطالت وقوفا تذرف العين جهدها على طلل الذي فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت بلاد ثوى فيها الرشيد iiالمسدد
وبورك لحد منك ضمن طيبا عليه بناء من صفيح iiمنضد
تهيل عليه الترب أيد وأعين عليه وقد غارت بذلك أسعد
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة عشية علوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم وقد وهنت منهم ظهور iiوأعضد
يبكون من تبكي السماوات يومه ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
وهل عدلت يوما رزية هالك رزية يوم مات فيه iiمحمد
تقطع فيه منزل الوحي عنهم وقد كان ذا نور يغور وينجد
يدل على الرحمن من يقتدي به وينقذ من هول الخزايا ويرشد
إمام لهم يهديهم الحق جاهدا معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا
عفو عن الزلات يقبل عذرهم وإن يحسنوا فالله بالخير iiأجود
وإن ناب أمر لم يقوموا iiبحمله فمن عنده تيسير ما يتشدد
فبينا هم في نعمة الله iiبينهم دليل به نهج الطريقة iiيقصد
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى حريص على أن يستقيموا ويهتدوا
عطوف عليهم لا يثنى iiجناحه إلى كنف يحنو عليهم iiويمهد
فبينا هم في ذلك النور إذ غدا إلى نورهم سهم من الموت iiمقصد
فأصبح محمودا إلى الله راجعا يبكيه حق المرسلات ويحمد
وأمست بلاد الحرم وحشا iiبقاعها لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
قفارا سوى معمورة اللحد ضافها فقيد يبكيه بلاط وغرقد
ومسجده فالموحشات لفقده خلاء له فيه مقام ومقعد
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت ديار وعرصات وربع ومولد
فبكى رسول الله يا عين iiعبرة ولا أعرفنك الدهر دمعك iiيجمد
وما لك لا تبكين ذا النعمة التي على الناس منها سابغ يتغمد
فجودي عليه بالدموع وأعولي لفقد الذي لا مثله الدهر iiيوجد
وما فقد الماضون مثل iiمحمد ولا مثله حتى القيامة يفقد
أعف وأوفى iiذمة بعد ذمة وأقرب منه نائلا لا ينكد
وأبذل منه للطريف iiوتالد إذا ضن معطاء بما كان يتلد
وأكرم صيتا في البيوت إذا iiانتمى وأكرم جدا أبطحيا يسود
وأمنع ذروات وأثبت في العلا دعائم عز شاهقات تشيد
وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا وعودا غذاه المزن فالعود أغيد
رباه وليدا فاستتم تمامه على أكرم الخيرات رب ممجد
تناهت وصاة المسلمين بكفه فلا العلم محبوس ولا الرأي يفند
أقول ولا يلقى لقولي عائب من الناس إلا عازب العقل مبعد
وليس هواي نازعا عن ثنائه لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جواره وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد
وذكر ابن إسحاق مراثي حسان في النبي صلى الله عليه وسلم وليس فيها ما يشكل فنشرحه وقد رثاه كثير من الشعراء وغيرهم وأكثرهم أفحمهم المصاب عن القول وأعجزتهم الصفة عن التأبين ولن يبلغ بالإطناب في مدح ولا رثاء في كنه محاسنه عليه السلام ولا قدر مصيبة فقده على أهل الإسلام فصلى الله عليه وعلى آله صلاة تتصل مدى الليالي والأيام وأحله أعلى مراتب الرحمة والرضوان والإكرام وجزاه عنا أفضل ما جزى به نبيا عن أمته ولا خالف بنا عن ملته ، إنه ولي الطول والفضل والإنعام وهو حسبنا ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين .
نرجوا أن يعجبكم موضوع اليوم و القادم أحلى.
هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري من أهل المدينة ، ومن بني النجار أخوال عبدالمطلب بن هاشم جد النبي محمد من قبيلة الخزرج ، ويروى أن أباه ثابت بن المنذر الخزرجي كان من سادة قومه، ومن أشرفهم، وأما أمه فهي الفزيعة بنت خنيس بن لوزان بن عبدون وهي أيضا خزرجية. ولد 60 قبل الهجرة على الأرجح صحابي وكان ينشد الشعر قبل الإسلام ، وكان ممن يفدون على ملوك الغساسنة في الشام ، وبعد إسلامه اعتبر شاعر النبي محمد بن عبد الله .
وأهدى لهُ النبي محمد جارية قبطية قد اهداها لهٌ المقوقس ملك القبط وأسمها سيرين بنت شمعون فتزوجها حسان وأنجبت منهُ ولدهُ عبد الرحمن، وحسن إسلامها وهي أخت زوجة الرسول مارية القبطية .
ولقد سجلت كتب الأدب و التاريخ الكثير من الأشعار التي ألقاها في هجاء الكفار ومعارضتهم، وكذلك في مدح المسلمين ورثاء شهدائهم وأمواتهم. وأصيب بالعمى قبل وفاته، ولم يشهد مع النبي مشهدًا لعلة أصابته ويعد في طبقة المخضرمين من الشعراء لأنه أدرك الجاهلية والإسلام. وتوفي في المدينة المنورة زمن خلافة علي بن أبي طالب .
وقد قال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه القصيدة الرائعة فيما حدثنا ابن هشام ، عن أبي زيد الأنصاري:
رثاء رسول الله صلَّى الله عليه و سلم
حسَّان بن ثابت
بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
ولا تمتحي الآيات من دار iiحرمة بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضح آثار وباقي معالم وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء iiويوقد
معارف لم تطمس على العهد آيها أتاها البلى فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده وقبرا بها واراه في الترب ملحد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت عيون ومثلاها من الجفن iiتسعد
يذكرن آلاء الرسول وما أرى لها محصيا نفسي فنفسي تبلد
مفجعة قد شفها فقد أحمد فظلت لآلاء الرسول iiتعدد
وما بلغت من كل أمر عشيره ولكن لنفسي بعد ما قد توجد
أطالت وقوفا تذرف العين جهدها على طلل الذي فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت بلاد ثوى فيها الرشيد iiالمسدد
وبورك لحد منك ضمن طيبا عليه بناء من صفيح iiمنضد
تهيل عليه الترب أيد وأعين عليه وقد غارت بذلك أسعد
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة عشية علوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم وقد وهنت منهم ظهور iiوأعضد
يبكون من تبكي السماوات يومه ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
وهل عدلت يوما رزية هالك رزية يوم مات فيه iiمحمد
تقطع فيه منزل الوحي عنهم وقد كان ذا نور يغور وينجد
يدل على الرحمن من يقتدي به وينقذ من هول الخزايا ويرشد
إمام لهم يهديهم الحق جاهدا معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا
عفو عن الزلات يقبل عذرهم وإن يحسنوا فالله بالخير iiأجود
وإن ناب أمر لم يقوموا iiبحمله فمن عنده تيسير ما يتشدد
فبينا هم في نعمة الله iiبينهم دليل به نهج الطريقة iiيقصد
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى حريص على أن يستقيموا ويهتدوا
عطوف عليهم لا يثنى iiجناحه إلى كنف يحنو عليهم iiويمهد
فبينا هم في ذلك النور إذ غدا إلى نورهم سهم من الموت iiمقصد
فأصبح محمودا إلى الله راجعا يبكيه حق المرسلات ويحمد
وأمست بلاد الحرم وحشا iiبقاعها لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
قفارا سوى معمورة اللحد ضافها فقيد يبكيه بلاط وغرقد
ومسجده فالموحشات لفقده خلاء له فيه مقام ومقعد
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت ديار وعرصات وربع ومولد
فبكى رسول الله يا عين iiعبرة ولا أعرفنك الدهر دمعك iiيجمد
وما لك لا تبكين ذا النعمة التي على الناس منها سابغ يتغمد
فجودي عليه بالدموع وأعولي لفقد الذي لا مثله الدهر iiيوجد
وما فقد الماضون مثل iiمحمد ولا مثله حتى القيامة يفقد
أعف وأوفى iiذمة بعد ذمة وأقرب منه نائلا لا ينكد
وأبذل منه للطريف iiوتالد إذا ضن معطاء بما كان يتلد
وأكرم صيتا في البيوت إذا iiانتمى وأكرم جدا أبطحيا يسود
وأمنع ذروات وأثبت في العلا دعائم عز شاهقات تشيد
وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا وعودا غذاه المزن فالعود أغيد
رباه وليدا فاستتم تمامه على أكرم الخيرات رب ممجد
تناهت وصاة المسلمين بكفه فلا العلم محبوس ولا الرأي يفند
أقول ولا يلقى لقولي عائب من الناس إلا عازب العقل مبعد
وليس هواي نازعا عن ثنائه لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جواره وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد
وذكر ابن إسحاق مراثي حسان في النبي صلى الله عليه وسلم وليس فيها ما يشكل فنشرحه وقد رثاه كثير من الشعراء وغيرهم وأكثرهم أفحمهم المصاب عن القول وأعجزتهم الصفة عن التأبين ولن يبلغ بالإطناب في مدح ولا رثاء في كنه محاسنه عليه السلام ولا قدر مصيبة فقده على أهل الإسلام فصلى الله عليه وعلى آله صلاة تتصل مدى الليالي والأيام وأحله أعلى مراتب الرحمة والرضوان والإكرام وجزاه عنا أفضل ما جزى به نبيا عن أمته ولا خالف بنا عن ملته ، إنه ولي الطول والفضل والإنعام وهو حسبنا ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين .
نرجوا أن يعجبكم موضوع اليوم و القادم أحلى.